ظلم بوجوه كثيرة: من نظام الزعماء المتهاوي نحو النظام المرجوّ
٤ تشرين ثاني ٢٠٢٠
لم تكن الحكومة اللبنانيّة المستقيلة ولن تكون الحكومة المقبلة إلاّ واجهة للقوى الفعليّة الممسكة بالسلطة في لبنان. ولن نستغرب في المنتدى الأكاديمي الكندي اللبناني أن تكون الحكومة المقبلة كما السابقة غير قادرة على اتّخاذ قرارات لمصلحة غالبيّة الشعب اللبناني، أي قرارات تحمي الناس من الفقر ومن استغلال السلطة المتمادي، فكيف لمَن تعيّنهم سلطة مستغلّة وفاسدة أن يحدّوا من الفساد؟ لم نستغرب أنّ الخطوات الخجولة لوضع أرقام حقيقيّة لطبيعة الخسائر الاقتصاديّة قد داستها بصفاقة لجنة المال والموازنة التي تمثّل فيها جميع القوى التي تتصارع شكلا على السلطة وتخضع فعليّا لأصحاب المصالح من مصرفيّين وكبار رؤوس الأموال.
ولم نستغرب أن تستهر الحكومة المستقيلة، مثلها مثل الحكومات السابقة، بحياة الناس فتسبَّبت هي وجميع المسؤولين من رؤساء جمهوريّة وحكومات وقوى سياسيّة بمقتل المئات وتدمير حياة الآلاف وتشريد مئات الآلاف من المواطنات والمواطنين. ولم نستغرب أن ترغو السلطة الفعليّة الحاكمة في وجهيها الـ8 آذاريّ والـ14 آذاريّ، وأن تنكر علمها بوجود المادة القابلة للانفجار وتسعى لطمس الحقيقة إمّا بمطالبتها بتحقيق شفّاف من قِبَل أطرافٍ موالين لها أو بمطالبتها بتحقيق شفّاف من قوى خارجيّة تسعى لتحقيق مصالحها حصرا! ولم نستغرب المراوحة باتّخاذ القرارات ورضوخ الحكومة هذه، أو أيّة حكومة أخرى مقبلة تعيّنها هذه المنظومة، لأركان السلطة الفعليّة المعروفين من تجّار الموت في الحرب الأهليّة وما بعدها، ولإملاءات المصارف التي تطالب بنهب ما تبقّى من مقدّرات البلاد في متابعة لسياسة اقتصاديّة إجراميّة. ولا نستغرب الاستهتار الذي يتّصف به الجميع من حيث التسويف وتأجيل أيّ فعل حقيقيّ في حين تتضاءل شيئاً فشيئا قدرات المصرف المركزي على تقديم الدعم للمواد الضروريّة للناس، ما يهدّد بخسارتهم لما قد يصل إلى 90% من قدراتهم الشرائيّة مع نهاية العام.
من الواضح أنّ أركان النظام المتهاوي يستجلبون الخارج ليمسك بزمام الأمور في الداخل اللبنانيّ في استهتار فاقع بحياة الناس. القوى جميعا تستعمل شعارات أفرغتها من مضمونها بممارساتها على الأرض، ولا تستهدف سوى المحافظة على ذاتها على حساب البلاد والشعب. من الواضح أنّ هذا النظام المتهاوي لم ينجح إلاّ في تجذير الطائفيّة والصراع على المال والسلطة، وفي التنافس على تمثيل المصالح الخارجيّة.
لا يمكن للمنتدى في ظلّ الواقع المتجلّي بعد انتفاضة الناس المشروعة في 17 تشرين 2019 سوى أن يعتبر أنّ كلّ القوى السياسيّة الممسكة بهذا النظام، ومهما كانت ادّعاءاتها الإعلاميّة، هي قوى تقسيميّة، لكونها تخاطب جمهورها الطائفيّ بشكل حصريّ، وتنهش في البلاد متوسّلة غطاءها الطائفي بينما هي تتحدّث عن "الدولة المدنية"، ولم يعد بالإمكان إخفاء كونها تعمل لمصالح محض خارجيّة.
ولهذا لا يمكن إلاّ الاستنتاج بأنّ جميع قوى النظام الحاليّ لا يمكنها أن تبني وطنًا مهما بلغت درجة استغلالها للموروث الثقافي والديني والأخلاقيّ (والدولة المدنيّة مؤخّرًا)، ومهما بلغت ادّعاءاتها بتمثيل المظلومين ومصالح طوائفها، ومهما بلغت درجة تسلّحها، فمن يموّلها ويدعمها ويسلّحها من الخارج هو في النهاية السيّد. ورغم الدمار الاجتماعيّ الكبير والخطير اليوم، لم يستفق أيّ فريق طائفيّ من سكرة أوهام القوّة والاستقواء بعد.
إنّ الأحداث الكبرى التي عاشها الشعب اللبناني من انهيار اقتصاديّ، ومن سوء إدارة الظروف الناتجة عن فيروس كورونا، ومن إنفجار ٤ آب المدمّر في بيروت، ليست وليدة الصدفة، إنّما هي جرائم فعليّة ونتيجة حتميّة لنظام "زعماء" لا يولون اهتماما إلاّ لمدى أرباحهم، إن كان في السلطة أو في المال أو في التمثيل للمصالح الخارجيّة. وعدا ذلك، فهم لا يعيرون اهتماما إلاّ لمدى تبعيّة مجموعة الطائفة، مهما صغُر حجمها أو كبر، لاستخدامها في الصراع الداخليّ على المال والسلطة، وللمساومة بها على طاولات بيع وشراء تمثيل المصالح الخارجيّة.
وفي هذا المجال يؤكّد المنتدى الأكاديميّ الكندي اللبناني أنّه من غير العادي ولا المقبول ولا المنطقيّ أن يبقى لبنان دون أيّ نوع من الحماية الرسميّة لشعبه من مطامع القوى الخارجيّة وعلى رأسها العدوّ الصهيونيّ، وأن ينتهج نهج الاستسلام تحت تسميات كالحياد والمجتمع الدوليّ. إنّ هذا الواقع لن يؤدّي إلاّ إلى تعاظم الاستغلال الداخليّ والخارجيّ للشعب، خاصّة في ظلّ قوانين دوليّة لا تنفّذ إلاّ لمصالح البلاد التي اكتسبت قوّة وقدرة. من غير المنطقي أن يقوم أفرادٌ أو مجموعاتٌ في أيّ بلد بالترويج لأفكار كالـ"حياد" دون أن يكون للوطن قدرة ملموسة للدفاع عن الذات، لا يعدو كونه دعوة إلى الاستسلام للمطامع الخارجيّة، وإلى استقالة الدولة من مهامها.
وفي المقابل يؤكّد المنتدى أنّ حقّ الشعوب بمقاومة احتلال بلادها أو خرق سيادتها، يهدف أساسا لرفع الظلم عن الناس، ولهذا لا يمكن القبول ولا تحت أيّ مسوّغ بأن يتحوّل حقّ مقاومة أيّ احتلال في العالم وسيلةً للقمع الداخليّ وللمشاركة في التدمير الاقتصاديّ المُمَنهج ولاستمرار نظام يدمّر حياة الناس بشكل لا يرقى إليه الشكّ. إنّ كلّ مقاومة حقّة تهدف إلى رفع الظلم، ليس لأنّ الظلم خارجيّ وإنما لكونه ظلمًا. لذلك من غير المقبول أن يُرفع ظلمٌ خارجيّ ثمّ يُحمى ظلمٌ داخليّ ونظامٍ سياسيّ-اقتصاديّ يجعل هذا الأخير مستمرّا.
أمام هذا الواقع لا يدين المنتدى فقط تصرّفات الحكومات-الواجهة ولا الزعماء فقط، ولا الأساتذة الجامعيّين والخبراء والإعلاميين المتسلّقين المرتزقة الذين يكتبون ويتكلّمون لمن يدفع أكثر فقط، ولا الأتباع الذين قبلوا بالهوان والذلّة أمام الزعماء، وإنّما يعيدون التذكير بأنّ جذر المشكلة هو طبيعة النظام اللبنانيّ الطائفيّ، الرأسماليّ المتوحّش، نفسه. يجب تغيير هذا النظام الذي يقسّم الشعب الواحد ويدمّر اقتصاده ويجعل شعبه أتباعاً لزعماء في طوائف منعزلة عن بعضها البعض، وتخاف بعضها البعض في آن. وخير دليلٍ على هذه الضرورة هو قدرة الأنظمة على تشكيل وتحويل طريقة تفكير الناس وطريقة تصرّفها مع بعضها البعض؛ وخير مثالٍ على ذلك هو تصرّف اللبنانيّين خارج البلاد في ظلّ أنظمة عادلة وقادرة بشكلٍ مغايرٍ عن طريقة تصرّفهم في لبنان.
في ظلّ التشتّت واليأس الكبير، يرى المنتدى أنّ العمل الدؤوب والطويل النفس لإنشاء مظلّة مدنيّة سياسيّة لتنظيم انتقال سلميّ للسلطة، وبناء بلد قادر على الدفاع عن نفسه بدمج مقدّراته الحاليّة، في نظام عادل ينظّم العدالة الاجتماعيّة-الاقتصاديّة، هو الحلّ الوحيد المنطقيّ. هذا الحلّ على صعوبته أفضلُ من الجرائم الدائمة التي يولّدها النظام الطائفيّ المستغِلّ، الذي تصمت عن جرائمه كلّ قوى النظام الحاكم تحت ألف شعار وشعار.
الهيئة التأسيسّية للمنتدى الأكاديميّ الكنديّ اللبناني (بالترتيب الأبجدي): د. علي برّو، د. مازن حطيط، د. عماد رعد، د. محمّد صوّان، د. ناهدة العاصي، د. عبد المطّلب الصّديق، د. أمل غزال، د. جلال كعوش، د. يحيى اللهيب، د. خريستو المرّ.
ولم نستغرب أن تستهر الحكومة المستقيلة، مثلها مثل الحكومات السابقة، بحياة الناس فتسبَّبت هي وجميع المسؤولين من رؤساء جمهوريّة وحكومات وقوى سياسيّة بمقتل المئات وتدمير حياة الآلاف وتشريد مئات الآلاف من المواطنات والمواطنين. ولم نستغرب أن ترغو السلطة الفعليّة الحاكمة في وجهيها الـ8 آذاريّ والـ14 آذاريّ، وأن تنكر علمها بوجود المادة القابلة للانفجار وتسعى لطمس الحقيقة إمّا بمطالبتها بتحقيق شفّاف من قِبَل أطرافٍ موالين لها أو بمطالبتها بتحقيق شفّاف من قوى خارجيّة تسعى لتحقيق مصالحها حصرا! ولم نستغرب المراوحة باتّخاذ القرارات ورضوخ الحكومة هذه، أو أيّة حكومة أخرى مقبلة تعيّنها هذه المنظومة، لأركان السلطة الفعليّة المعروفين من تجّار الموت في الحرب الأهليّة وما بعدها، ولإملاءات المصارف التي تطالب بنهب ما تبقّى من مقدّرات البلاد في متابعة لسياسة اقتصاديّة إجراميّة. ولا نستغرب الاستهتار الذي يتّصف به الجميع من حيث التسويف وتأجيل أيّ فعل حقيقيّ في حين تتضاءل شيئاً فشيئا قدرات المصرف المركزي على تقديم الدعم للمواد الضروريّة للناس، ما يهدّد بخسارتهم لما قد يصل إلى 90% من قدراتهم الشرائيّة مع نهاية العام.
من الواضح أنّ أركان النظام المتهاوي يستجلبون الخارج ليمسك بزمام الأمور في الداخل اللبنانيّ في استهتار فاقع بحياة الناس. القوى جميعا تستعمل شعارات أفرغتها من مضمونها بممارساتها على الأرض، ولا تستهدف سوى المحافظة على ذاتها على حساب البلاد والشعب. من الواضح أنّ هذا النظام المتهاوي لم ينجح إلاّ في تجذير الطائفيّة والصراع على المال والسلطة، وفي التنافس على تمثيل المصالح الخارجيّة.
لا يمكن للمنتدى في ظلّ الواقع المتجلّي بعد انتفاضة الناس المشروعة في 17 تشرين 2019 سوى أن يعتبر أنّ كلّ القوى السياسيّة الممسكة بهذا النظام، ومهما كانت ادّعاءاتها الإعلاميّة، هي قوى تقسيميّة، لكونها تخاطب جمهورها الطائفيّ بشكل حصريّ، وتنهش في البلاد متوسّلة غطاءها الطائفي بينما هي تتحدّث عن "الدولة المدنية"، ولم يعد بالإمكان إخفاء كونها تعمل لمصالح محض خارجيّة.
ولهذا لا يمكن إلاّ الاستنتاج بأنّ جميع قوى النظام الحاليّ لا يمكنها أن تبني وطنًا مهما بلغت درجة استغلالها للموروث الثقافي والديني والأخلاقيّ (والدولة المدنيّة مؤخّرًا)، ومهما بلغت ادّعاءاتها بتمثيل المظلومين ومصالح طوائفها، ومهما بلغت درجة تسلّحها، فمن يموّلها ويدعمها ويسلّحها من الخارج هو في النهاية السيّد. ورغم الدمار الاجتماعيّ الكبير والخطير اليوم، لم يستفق أيّ فريق طائفيّ من سكرة أوهام القوّة والاستقواء بعد.
إنّ الأحداث الكبرى التي عاشها الشعب اللبناني من انهيار اقتصاديّ، ومن سوء إدارة الظروف الناتجة عن فيروس كورونا، ومن إنفجار ٤ آب المدمّر في بيروت، ليست وليدة الصدفة، إنّما هي جرائم فعليّة ونتيجة حتميّة لنظام "زعماء" لا يولون اهتماما إلاّ لمدى أرباحهم، إن كان في السلطة أو في المال أو في التمثيل للمصالح الخارجيّة. وعدا ذلك، فهم لا يعيرون اهتماما إلاّ لمدى تبعيّة مجموعة الطائفة، مهما صغُر حجمها أو كبر، لاستخدامها في الصراع الداخليّ على المال والسلطة، وللمساومة بها على طاولات بيع وشراء تمثيل المصالح الخارجيّة.
وفي هذا المجال يؤكّد المنتدى الأكاديميّ الكندي اللبناني أنّه من غير العادي ولا المقبول ولا المنطقيّ أن يبقى لبنان دون أيّ نوع من الحماية الرسميّة لشعبه من مطامع القوى الخارجيّة وعلى رأسها العدوّ الصهيونيّ، وأن ينتهج نهج الاستسلام تحت تسميات كالحياد والمجتمع الدوليّ. إنّ هذا الواقع لن يؤدّي إلاّ إلى تعاظم الاستغلال الداخليّ والخارجيّ للشعب، خاصّة في ظلّ قوانين دوليّة لا تنفّذ إلاّ لمصالح البلاد التي اكتسبت قوّة وقدرة. من غير المنطقي أن يقوم أفرادٌ أو مجموعاتٌ في أيّ بلد بالترويج لأفكار كالـ"حياد" دون أن يكون للوطن قدرة ملموسة للدفاع عن الذات، لا يعدو كونه دعوة إلى الاستسلام للمطامع الخارجيّة، وإلى استقالة الدولة من مهامها.
وفي المقابل يؤكّد المنتدى أنّ حقّ الشعوب بمقاومة احتلال بلادها أو خرق سيادتها، يهدف أساسا لرفع الظلم عن الناس، ولهذا لا يمكن القبول ولا تحت أيّ مسوّغ بأن يتحوّل حقّ مقاومة أيّ احتلال في العالم وسيلةً للقمع الداخليّ وللمشاركة في التدمير الاقتصاديّ المُمَنهج ولاستمرار نظام يدمّر حياة الناس بشكل لا يرقى إليه الشكّ. إنّ كلّ مقاومة حقّة تهدف إلى رفع الظلم، ليس لأنّ الظلم خارجيّ وإنما لكونه ظلمًا. لذلك من غير المقبول أن يُرفع ظلمٌ خارجيّ ثمّ يُحمى ظلمٌ داخليّ ونظامٍ سياسيّ-اقتصاديّ يجعل هذا الأخير مستمرّا.
أمام هذا الواقع لا يدين المنتدى فقط تصرّفات الحكومات-الواجهة ولا الزعماء فقط، ولا الأساتذة الجامعيّين والخبراء والإعلاميين المتسلّقين المرتزقة الذين يكتبون ويتكلّمون لمن يدفع أكثر فقط، ولا الأتباع الذين قبلوا بالهوان والذلّة أمام الزعماء، وإنّما يعيدون التذكير بأنّ جذر المشكلة هو طبيعة النظام اللبنانيّ الطائفيّ، الرأسماليّ المتوحّش، نفسه. يجب تغيير هذا النظام الذي يقسّم الشعب الواحد ويدمّر اقتصاده ويجعل شعبه أتباعاً لزعماء في طوائف منعزلة عن بعضها البعض، وتخاف بعضها البعض في آن. وخير دليلٍ على هذه الضرورة هو قدرة الأنظمة على تشكيل وتحويل طريقة تفكير الناس وطريقة تصرّفها مع بعضها البعض؛ وخير مثالٍ على ذلك هو تصرّف اللبنانيّين خارج البلاد في ظلّ أنظمة عادلة وقادرة بشكلٍ مغايرٍ عن طريقة تصرّفهم في لبنان.
في ظلّ التشتّت واليأس الكبير، يرى المنتدى أنّ العمل الدؤوب والطويل النفس لإنشاء مظلّة مدنيّة سياسيّة لتنظيم انتقال سلميّ للسلطة، وبناء بلد قادر على الدفاع عن نفسه بدمج مقدّراته الحاليّة، في نظام عادل ينظّم العدالة الاجتماعيّة-الاقتصاديّة، هو الحلّ الوحيد المنطقيّ. هذا الحلّ على صعوبته أفضلُ من الجرائم الدائمة التي يولّدها النظام الطائفيّ المستغِلّ، الذي تصمت عن جرائمه كلّ قوى النظام الحاكم تحت ألف شعار وشعار.
الهيئة التأسيسّية للمنتدى الأكاديميّ الكنديّ اللبناني (بالترتيب الأبجدي): د. علي برّو، د. مازن حطيط، د. عماد رعد، د. محمّد صوّان، د. ناهدة العاصي، د. عبد المطّلب الصّديق، د. أمل غزال، د. جلال كعوش، د. يحيى اللهيب، د. خريستو المرّ.